سورة الرعد - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الرعد)


        


{ويقول الذين كفروا لولا} هلاَّ {أنزل عليه آيةٌ من ربه} نزلت في مشركي مكَّة حين طالبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالآيات {قل إنَّ الله يضلُّ مَنْ يشاء} عن دينه، كما أضلَّكم بعدما أنزل من الآيات، وحرمكم الاستدلال بها {ويهدي إليه} يرشد إلى دينه {مَنْ أناب} رجع إلى الحقِّ.
{الذين آمنوا} بدلٌ من قوله: {مَنْ أناب} {وتطمئن قلوبهم بذكر الله} إذا سمعوا ذكر الله سبحانه وتعالى أحبُّوه واستأنسوا به {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} يريد: قلوب المؤمنين.
{الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم} وهي شجرةٌ غرسها الله سبحانه بيده. وقيل: فرحٌ لهم وقُرَّة أعينٍ.
{كذلك} كما أرسلنا الأنبياء قبلك {أرسلناك في أمة} في قرنٍ {قد خلت} قد مضت {من قبلها أمم} قرونٌ {لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك} يعني: القرآن {وهم يكفرون بالرحمن} وذلك أنَّهم قالوا: ما نعرف الرَّحمن إلاَّ صاحب اليمامة {قل هو ربي} أَي: الرَّحمن الذي أنكرتم معرفته هو إلهي وسيِّدي {لا إله إلاَّ هو}.


{ولو أنَّ قرآناً...} الآية. نزلت حين قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنْ كنت نبيَّاً كما تقول فسيِّر عنا جبال مكة، فإنَّها ضيِّقةٌ واجعل لنا فيها عيوناً وأنهاراً حتى نزرع ونغرس، وابعث لنا آباءنا من الموتى يكلِّمونا أنَّك نبيٌّ، فقال الله سبحانه: {ولو أنَّ قرآناً سيرت به الجبال} يريد: لو قضيت على أن لا يقرأ القرآن على الجبال إلاَّ سارت، ولا على الأرض إلاَّ تخرَّقت بالعيون والأنهار، وعلى الموتى أن لا يُكلَّموا؛ ما آمنوا لما سبق عليهم في علمي، وهذا جواب {لو} وهو محذوف. {بل} دع ذلك الذي قالوا من تسيير الجبال وغيره فالأمر لله جميعاً، لو شاء أن يؤمنوا لآمنوا، وإذا لم يشأ لم ينفع ما اقترحوا من الآيات، وكان المسلمون قد أرادوا أن يُظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم آيةً ليجتمعوا على الإِيمان، فقال الله: {أفلم ييئس الذين آمنوا} يعلم الذين آمنوا {أن لو يشاء الله} لهداهم من غير ظهور الآيات {ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا} من كفرهم وأعمالهم الخبيثة {قارعة} داهيةٌ تقرعهم من القتل والأسر، والحرب، والجدب {أو تحلُّ} يا محمد أنت {قريباً من دارهم حتى يأتي وعد الله} يعني: القيامة. وقيل: فتح مكَّة.
{ولقد استهزئ برسل من قبلك} أُوذي وكُذِّب {فأمليت للذين كفروا} أطلتُ لهم المدَّة بتأخير العقوبة ليتمادوا في المعصية {ثمَّ أخذتهم} بالعقوبة {فكيف كان عقاب} كيف رأيت ما صنعتُ بمن استهزأ برسلي، كذلك أصنع بمشركي قومك.


{أفمن هو قائم على كلِّ نفس بما كسبت} أَيْ: بجرائه. يعني: متولٍّ لذلك، كما يقال: قام فلان بأمر كذا: إذا كفاه وتولاَّه، والقائم على كلِّ نفس هو الله تعالى والمعنى: أفمن هو بهذه الصِّفة كمَنْ ليس بهذه الصِّفة من الأصنام التي لا تضرُّ ولا تنفع؟ وجواب هذا الاستفهام في قوله: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم} بإضافة أفعالهم إليهم إن كانوا شركاء لله تعالى، كما يضاف إلى الله أفعاله بأسمائه الحسنى، نحو: الخالق والرَّازق، فإن سمَّوهم قل أتنبئونه {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض} أَيْ: أتخبرون الله بشريكٍ له في الأرض، وهو لا يعلمه، بمعنى: أنَّه ليس له شريك {أم بظاهرٍ من القول} يعني: أم تقولون مجازاً من القول وباطلاً لا حقيقة له، وهو كلامٌ في الظَّاهر، ولا حقيقة له في الباطن، ثمَّ قال: {بل} أَيْ: دع ذكر ما كنَّا فيه {زين للذين كفروا مكرهم} زيَّن الشَّيطان لهم الكفر {وصدوا عن السبيل} وصدَّهم الله سبحانه عن سبيل الهدى {لهم عذاب في الحياة الدنيا} بالقتل والأسر {ولعذاب الآخرة أشقُّ} أشدُّ وأغلظ {وما لهم من الله} من عذاب الله {من واق} حاجزٍ ومانعٍ.
{مثل الجنة} صفة الجنَّة {التي وعد المتقون}. وقوله: {أكلها دائم} يريد: إنَّ ثمارها لا تنقطع كثمار الدُّنيا {وظلها} لا يزول ولا تنسخه الشَّمس.

1 | 2 | 3 | 4